موقع تكية بنگلور
موقع تكية بنگلور
التاريخ: 6/2012، اليوم غير معروف
المكان: ساريپاليا – بنگلور – كارناتاكا
حين قرّر حضرة الشيخ قدس الله سره العزيز إرسالي إلى الهند قال لي:
خليفة، منذ عشرون سنة ونحن نريد أن نؤسس تكية في بنگلور. فهدفك هو الإرشاد وتأسيس تكية.
فعملاً بأمر شيخي كنت في جولاتي الإرشادية أيضا أبحث عن أرض مناسبة لتأسيس التكية. كلما وجدت مكاناً أخبرت حضرتهم به، ولكنه لم يكن يريد أياً من هذه الأماكن لبعدها عن أماكن سكن الخلفاء والدراويش.
في يوم رأيت مناماً كان فيه حضرة الشيخ يقود سيارته اللاندكروز الحمراء القديمة موديل 1990 وكنت جالساً بجانبه. ثم قال لي حضرة الشيخ قدس الله سره العزيز: «ابني، هل ترى ذلك المصباح الأصفر الضوء؟»، قلت: «نعم». قال: «أريد أن تحصل على أرض في هذه المنطقة». قلت: «بهمة المشايخ سأفعل ذلك». ثم قال:
إن أرضي هنا. هنالك وثائق تبيّن بأنها باسمي، فحاول أن تجد هذه الوثائق.
فوعدت حضرتهم بأن أفعل ذلك، ثم غادرنا المكان وهو يسوق السيارة. أثناء العودة شاهدت قطاراً يمر قريباً من المكان، ثم أستيقظت من المنام. فبدأت أسال من ذلك الوقت كلما تُعرَض علي قطعة أرض عما إذا كانت هنالك سكة قطار قريبة منها بحثاً عن تلك الإشارة.
بعد فترة أخرى شاهدت مناماً ثانياً. كان حضرة الشيخ جالساً في السيارة وأنا واقف خارجها وكان يتحدّث إليَّ من شباك السيارة. سألني: «ابني، هل وجدت المكان؟»، فأجبته بأنني لاأزال أبحث ثم استيقظت. حين أخبرت حضرة الشيخ بالمنامين علّق قائِلاً: «إن شاء الله سيعطوك المشايخ مثلما رأيت».
بعد حوالي أسبوع كنت في يوم من الأيام في منطقة شاداب نَگَر في مركز بنگلور، والقريبة على كل الخلفاء، حين أتاني دلال عقارات مسلم ومعه أوارق خاصة بقطعة أرض في ساريپاليا. فقلت له بأنها صغيرة جداً حيث كنت أبحث عن قطعة أرض لا تقل مساحتها عن ألف متر مربع لأنها ستكون تكية. ولما كانت لديه أراضي أخرى صغيرة مجاورة لتلك الأرض قلت له بأنني أحتاج حوالي ثماني عشرة إلى عشرين قطعة من تلك القطع الصغيرة المتجاورة. قال الدلّال بأنها ستكلّف الكثير، وطبعا أنا لم يكن لدي أية مبلغ في ذلك الوقت، ولكن توكّلت على الله.
سألته عن اسمه فقال: «محمد إرشاد». حين سمعت اسمه تكسرت العبرة في صدري، لأني رأيت في الاسم أول إشارة من أستاذي بأنها الأرض المكتوب لها بأن تكون للتكية، فاسمه الأول، «محمد»، هو اسم حضرة الشيخ، واسمه الثاني، «إرشاد»، هو فعالية التكية. وكان معي شهود عيان لهذه ولما سيلي من عجائب كلٌ من الخلفاء زكريا إبراهيم شيخ وفيروز وجعفر السائق.
حين وصلنا إلى الأرض للاطّلاع عليها، وكان الوقت عصراً، انتابني شعور لا يوصف، وكأنني دخلت الجنة، لأننا مررنا بسكة القطار. ثم شاهدت مصباح الشارع الذي رأيته في المنام فقلت للخلفاء معي بأن هذا المصباح أصفر الضوء. ثم أخبرتهم بالرؤيتين وقلت لهم بأن الإشارتين من المنام اللتين رأيناهما في الأرض وكون اسم الدلّال «محمد إرشاد» يشكّلون دلالة قاطعة على أن هذه هي أرض التكية. كانت المنطقة ذات غالبية هندوسية وكان هنالك بيتين أو ثلاثة من المسلمين ولديهم جامع صغير من طين. قلت لهم لنقم بورد العصر هنا بانتظار أن يهطل الظلام ليروا بأم أعينهم لون الضوء الأصفر. كانت المنطقة مليئة بالبعوض فأراد الخلفاء أن يثنوني عن رأيي لكني أصررت على إنتظار نزول الظلام.
لما غربت الشمس صلّينا المغرب جماعة. انتظرنا أن تُنار مصابيح الشارع لنرى لون الضوء ذلك المصباح، ولكن مرت حوالي نصف ساعة والمصابيح مظلمة. فطلبت من فيروز وجعفر أن يذهبا إلى صاحب مخزن صغير تحت المصباح، وكان رجلاً هندوسياً، ليسألوه عن سبب عدم إنارة مصابيح الشارع وعن لون ضوء ذلك المصباح. قال لهما صاحب المحل بأن الكهرباء مقطوعة وقد أُخْبِروا بأنها ستأتي في الساعة التاسعة. كما قال لهم بأن لون المصباح أبيض. فلما أخبروني بما قال أقسمت لهم أشدَّ القسم بأنه أصفر. فاستغربوا من إصراري باعتبار أن صاحب المخزن لاشك أدرى بلون المصباح الذي يسقط نوره على مخزنه!
قلت للخلفاء بأننا سنبقى هنالك حتى تأتي الكهرباء لنتحقَّق من لون الضوء، مما يعني بقاءنا تحت رحمة البعوض لمدة ساعة ونصف. وبعد أذان العشاء أقمنا الصلاة وورد العشاء. وبعد حين جاءت الكهرباء، وإذا بالضوء أبيض اللون. فذكر زكريا أن الضوء أبيض فأقسمت مرة أخرى بأنه أصفر، فأخذ يضحك زكريا بشكل هستيري حين شاهد ثبات اعتقادي رغم مخالفته لما قاله صاحب المخزن وما تراه العين. وإذا بضحك زكريا ينقلب ذهولاً حين بدأ الضوء الأبيض بالتحول إلى اللون الأصفر. إذ تبيّن بأن المصباح كان من نوع الهالوجين. فطلبت من الخلفاء أن يعودوا إلى صاحب المخزن ويسألوه عن سبب قوله بأن الضوء أبيض. فخرج الرجل من مخزنه لينظر إلى الضوء، فلما رأه أصفراً بدا هو الأخر مندهشاً وقال لهم بأنه مستعد بأن يُقسم بأن الضوء كان أبيضاً، وأنه يعرف ذلك تماماً لأنه مَلَكَ هذا المخزن لسنين طويلة.
وجه العجب الآخر في ما حدث، وهو سر ذكر حضرة الشيخ في المنام بأن لون ذلك المصباح أصفر، هو أن كل المصابيح الأخرى كانت بيضاء، فهذا المصباح الوحيد الذي كان أصفر اللون! وبكى الخلفاء من تأثير الكرامة التي شهدوها. كررت للخلفاء قولي بأن هذه الأرض هي حتماً لنا. فطلبت منهم البدء بمتابعة معاملة شراء الأرض.
بعد يومين، جاءني محمد إرشاد ومعه رجل قدّمه على أنه الوسيط بيننا وبين أصحاب الأرض. فسألته عن اسمه فقال «أحمد إرشاد»، وهكذا فإن الإشارات استمرّت. بعد أن دفعنا العربون ذهبنا إلى مكتب التقينا فيه بشخص اسمه عباس، هو ممثّل مالكي الأرض. حين سلّمت على عباس أخذ بتقبيل يدي وقدمي واسعدني بمفاجأتي بأن أمه المُتوَفّاة منذ أكثر من خمسة عشر سنة كانت من مريدي حضرة الشيخ عبد الكريم الكَسْنَزان، حيث كانت قد أخذت البيعة على يد الخليفة عبد الرزاق شريف الذي كان أحد خلفاء حضرة الشيخ عبد الكريم. وقال عباس معرباً عن رغبته بأن يقدم خدمة للطريقة بأنه سيحاول أن يحصل على تخفيض لسعر القدم المربع للأرض.
ثم أخذنا عباس للقاء شخص هو المسؤول الأكبر عن عدد كبير من الأراضي بما فيها القطعة التي نريد شراءها. قال هذا الشخص المسلم بأنه هو الآخر يود أن يقدّم خدمة إلى مشروع التكية كونها لطريقة حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني، فعرض بأن يتحمّل كلفة مراسيم افتتاح التكية. فشكرته وسألته عن اسمه، فإذا به يذهلني بالإجابة بأن اسمه «إرشاد».
حين أخبرت حضرة الشيخ بأن اسم الشخص الاول هو محمد إرشاد والثاني أحمد إرشاد والثالث إرشاد، علَّقَ قائِلاً:
وشيخك هو قطب الإرشاد، الحمد لله، والطريقة هي طريقة إرشاد. هذه التكية هي لكم إن شاء الله، بهمة سيدنا الگيلاني قدس الله سره وبهمة شاه الكَسْنَزان قدس الله سره.
وفعلاً، اشترينا الأرض وبنينا فيها التكية مثلما قال حضرة الشيخ وأشارت إليها سلسلة الكرامات المُذهِلة.
جميع الحقوق محفوظة © 2016 كسنزان وي