الخاتمة

الخاتمة

تزخر كتب الدين والتاريخ بما لا حصر له من كرامات شهدها صحابة الرسول ﷺ وأولياء الله الصالحين وجرت على إيديهم. فعلى سبيل المثال، مرّت بنا كرامة الخليفة عمر بن الخطّاب (رضي الله عنه) حين سمع قائد جيش المسلمين في بلاد فارس نداء الخليفة من منبر المسجد في المدينة. وتخبرنا كذلك الكتب عن الكثير من كرامات سيدنا علي بن إبي طالب (كرم الله وجهه)، ومنها قوله لابنه الإمام الحسن (عليه السلام) في سَحَرِ أحد الأيام:

يا بني، رأيت رسول الله ﷺ في هذه الليلة في نومة نمتها، فقلت: «يا رسول الله، ماذا لقيتُ من أمتكِ من الأوَد واللَّدَد؟»[1] قال: «ادع الله عليهم». فقلت: «اللهم أبدلني بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي من هو شرٌّ مني».

وحين جاء مؤذنه يؤذنه بالصلاة، خرج القاتل فضرب الإمام علي على رأسه بسيف مسموم استشهد بعدها بثلاثة أيام.[2]

ومن المشايخ الذين ظهرت كراماتهم في كل مكان هو الغوث الأعظم السيد الشيخ عبد القادر الگيلاني، حيث شهد الكثير من الناس كراماته في مدرسته وفي أماكن أخرى. وساعدت هذه الكرامات الطريقة القادِريّة في نشر الإسلام إلى كل بقاع العالم وهداية عدد لا يُحصى من الناس.

وبينما الكرامات هي بالنسبة للكثير من الناس روايات في بطون الكتب أبطالها صالحون وصالحات عاشوا في الماضي، فإن الكرامات التي جمعها هذا الكتاب تشهد بأن هذه الخوارق دائمة ما دام دين الله ولم ولن تنقطع يوماً. فالكرامة هي من ثمرات عبادة الله والإخلاص له، وبما أن الأرض لم تخلُ ولن تخلو يوماً من أولياء الله، ولما كانت سنّة الله في تكريم أولياءه بخوارق للعادات لا تتغيّر، فإن الأرض لم ولن تخلو يوماً من الكرامات. وتبيّن الكرامات في هذا الكتاب البركة التي أنعم بها الله على مشايخ الطريقة الكَسْنَزانِيّة وتبرهن سَيْرَهم على منهج القرآن وسُنَّة صاحب القرآن ﷺ، كما أنها تؤكّد بأن مثل هذه التجارب الروحية هي في متناول كل سائر بإخلاص على الطريق إلى الله. وهذا ما يقوله حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني عن التجارب الروحية وخوارق العادات التي يعيشها السالك الحقيقي لنهج رسول الله ﷺ:

لايزال العبد يقابل النِعَم بالشكر، ويقابل البلاء بالموافقة والاعتراف بالجرائم والذنوب واللوم للنفس، حتى تنتهي خطوات قلبه إلى ربّه عز وجل. لايزال يخطو بالحسنات والتوبة من السيّئات حتى يصل إلى باب ربّه عز وجل. لايزال يخطو بالشكر على النِعَم وبالصبر على النِقَم حتى يصل إلى باب ربّه عز وجل. فإذا وصل إلى هناك رأى ما لا عينٌ رأت ولا اُذنٌ سمِعت ولا خطر على قلب بشر.[3]

وليس هنالك أجدر خاتمة لهذه الرحلة الروحية الممتعة مع شواهد القوة الروحية لطريقة الرسول ﷺ التي ورثها مشايخ الطريقة الكَسْنَزانِيّة من أستاذهم وجدهم الأكبر ﷺ من بشارة الله عز وجل لأولياه:

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّـهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (٣٠) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (٣١) نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ﴾ (فُصِّلَت/٣٢).

[1]  «الأوَد» هو «العَوَج» و «اللَّدَد» هي «الخصومة الشديدة».

[2]  هبة الله اللالكائي، «كرامات أولياء الله عز وجل»، ص 126، تحقيق أحمد سعد حمدان، دار طيبة، الرياض، 1992.

[3]  الشيخ عبد القادر الگيلاني، «جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر الگيلاني»، فصل «من علوم الأولياء»، ص 56، تحقيق ونشر الشيخ محمد الكَسْنَزان، بغداد، 1989.

جميع الحقوق محفوظة © 2016 كسنزان وي

Print Friendly, PDF & Email
Share
Share